المقدمة:
تُعدّ السدود من أعظم ما
توصّل إليه الإنسان في مجال الهندسة المدنية، لما لها من دور كبير في السيطرة على
الفيضانات، وتوليد الطاقة، وتخزين المياه. ومع تقدم التكنولوجيا، بدأت الدول
تتنافس في بناء السدود الضخمة، إلا أن الصين خطفت الأنظار ببنائها أكبر سد في
العالم من حيث القدرة الإنتاجية للطاقة الكهرومائية، وهو سد الممرات
الثلاثة (Three
Gorges Dam)،
الذي يُعدّ إنجازًا هندسيًا ضخمًا ومثيرًا للإعجاب.
الموقع والإنشاء:
يقع سد الممرات الثلاثة على
نهر اليانغتسي في مقاطعة هوبي وسط الصين. بدأت أعمال البناء عام 1994، واستغرق
إنجازه أكثر من 17 عامًا، حيث تم افتتاحه رسميًا عام 2012. وقد بلغت تكلفة بنائه
ما يزيد على 30 مليار دولار، وشارك في إنشائه آلاف المهندسين والعمال، في مشروع
يُعدّ من أكبر مشاريع البنية التحتية في التاريخ الحديث.
المواصفات الفنية:
- الطول: حوالي 2,335 مترًا
- الارتفاع: 185 مترًا
- السعة
التخزينية للخزان: نحو 39.3 مليار متر مكعب من المياه
- القدرة
الإنتاجية: تصل إلى أكثر من 22,500 ميغاواط من الكهرباء، ما
يجعله أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في العالم.
الأهداف والفوائد:
أنشئ سد الممرات الثلاثة
لتحقيق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية، من أهمها:
- توليد
الطاقة الكهربائية: يزود السد مناطق واسعة من الصين بالكهرباء،
ويقلل الاعتماد على الفحم، مما يساهم في تقليل التلوث.
- التحكم
بالفيضانات: يساعد في تنظيم تدفق نهر اليانغتسي، الذي كان
يهدد حياة الملايين سنويًا بالفيضانات.
- تحسين
الملاحة: جعل السد الممرات المائية أكثر أمانًا للسفن
الكبيرة، مما ساهم في تعزيز التجارة الداخلية.
الآثار البيئية
والانتقادات:
رغم فوائده الكبيرة، لم يخلُ
سد الممرات الثلاثة من الانتقادات. فقد أُجبر أكثر من مليون شخص على النزوح من
مناطقهم بسبب غمر المياه لقراهم، كما أثار السد قلقًا بيئيًا بسبب تأثيره على
الحياة البرية والنظام البيئي للنهر. وقد حذّر بعض العلماء من إمكانية حدوث هزات
أرضية نتيجة الوزن الهائل للمياه المخزّنة خلف السد.
الخاتمة:
سد الممرات الثلاثة هو أكثر
من مجرد مشروع هندسي؛ إنه تجسيد لإرادة الإنسان في تسخير الطبيعة لخدمته، وفي
الوقت ذاته، تذكير بأهمية تحقيق التوازن بين التقدم الصناعي والحفاظ على البيئة.
وسيبقى هذا السد رمزًا للقدرة البشرية على تنفيذ مشاريع عملاقة تحمل آثارًا طويلة
الأمد على مستقبل البشرية.
